فصل: الصحبة والوفاء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة (نسخة منقحة)



.الصحبة والوفاء:

ومنها أن تصاحب الإخوان على الوفاء والدين، دون الرغبة والرهبة والطمع. قال الحريري: تعامل القرن الأول فيما بينهم بالدين زماناً طويلاً حتى رق الدين، ثم تعامل القرن الثاني بالوفاء حتى الوفاء، ثم تعامل القرن الثالث بالمروءة حتى ذهبت المروءة، ثم تعامل القرن الرابع بالحياء حتى ذهب الحياء، ثم صار الناس يتعاملون بالرغبة والرهبة. قال الشيخ: وكنت أستحسنها له حتى رأيت مثلها للشعبي، وأظنه زاد، وسيأتي ما هو أشد.

.ترك المداهنة:

ومنها ترك المداهنة في الدين مع من يعاشره. قال سهل بن عبد الله التستري: لا يشم رائحة الصدق من داهن نفسه أو غيره.

.تحري الموافقة:

ومنها قلة الخلاف على الإخوان، وتحري موافقتهم فيما يريدون في غير مخالفة الدين والسنة؛ قالت جويرية: دعوت الله أربعين سنة أن يعصمني من مخالفة الإخوان.

.الذب عن الإخوان:

ومنها القيام بأعذارهم، والذب عنهم، والانتصاب له، كما قال الجنيد رحمه الله، وقيل له: ما بال أصحابك أكلهم كثير؟ قال: لأنهم لا يشربون الخمر، فيكون جوعهم أكثر؛ وقيل له: ما بالهم لهم قوة شهوةٍ؟ قال: لأنهم لا يزنون، ولا يدخلون تحت محظورٍ؛ قيل: فما بالهم لا يطربون إذا سمعوا القرآن؟ قال: لأنه كلام الحق، ما فيه ما يوجب الطرب، نزل بأمر ونهيٍ، ووعدٍ ووعيدٍ، فهو يقهر؛ قيل: فما بالهم يطربون عند القصائد؟ قال: لأنها مما عملت أيديهم؛ قيل: فما بالهم يطربون عند الرباعيات؟ قال: لأنها كلام المحبين والعشاق؛ قيل: فما بالهم محرومين من الناس؟ قال: قد قال أستاذنا القصار، إذ سئل عن ذلك: لخلال ثلاث، أحدها: أن الله لا يرضى ما لهم لهم، والثانية: أنه تعالى لم يرض حسناتهم بصحائف الناس، والثالثة: أنهم قومٌ لم يسيروا إلا إلى الله، فمنحهم كل ما سواه، وأفردهم له.

.احتمال الأذى:

ومنها احتمال الأذى، وقلة الغضب، والشفقة، والبسط، والرحمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل إذ قال له: عظني، وأوجز، قال: «لا تغضب» وقوله: «من موجبات المغفرة طيب الكلام» وقوله: «من لا يرحم لا يرحم».

.الانبساط في النفس والمال:

ومنها الانبساط لإخوانه في النفس والمال، وألا يرى بينه وبينهم فرقاً، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان ينبسط في مال أبي بكر رضي الله عنه، ويحكم فيه كانبساطه في ماله وحكمه.

.مجانبة الخصال الذميمة:

ومنها مجانبة التباغض والتدابر والتحاسد، لقوله عليه السلام: «لا تباغضوا، ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً». فأمرهم بإسقاط ذلك في حق الأخوة، ونزهها عن هذه الخصال الذميمة.

.بغض الدنيا:

ومنها التآلف مع الإخوان على بغض الدنيا، فإنه لا يقع بينهم المخالفة إلا بسببها. وقال عليه الصلاة والسلام: «المؤمن مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف».

.عشرة الأهل والنسوان:

ومنها أدب العشرة مع النسوان والأهل، لأن الله خلقهن ناقصات عقل ودين، فيعاشرهن بالمعروف على حسب ما جبلهن الله عليه، ولذلك جعل الله سبحانه شهادة امرأتين كشهادة رجل واحد. وقال عليه السلام: «ما رأيت من ناقصات عقلٍ ودين أذهب بعقول الرجال وذوي الألباب منكن». الحديث: وقال عليه السلام: «خيركم خيركم لأهله». وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: عقل المرأة جمالها، وجمال الرجل عقله. وسئل أبو جعفر عن قوله تعالى: {وَعاشِروهُنَّ بِالمَعروفِ} فقال: هو حسن الصحبة مع من سألت ومن كرهت صحبتها.

.حسن معاشرة الخادم:

ومنها حسن العشرة مع الخادم، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هم إخوانكم، جعلهم الله تعالى تحت أيديكم، فأطمعوهم مما تأكلون، وأكسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون». وكان آخر كلامه عليه السلام وهو محتضر: «الصلاة وما ملكت أيمانكم». وقال أنس رضي الله عنه: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لشيءٍ فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيءٍ لم أفعله لم لا فعلته. وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حق جاري عليَّ؟ قال: «تفرشه معروفك، وتجنبه أذاك، وتجيبه إذا دعاك».

.عشرة أهل الأسواق والتجار:

ومنها العشرة مع أهل الأسواق والتجار إلا تخلف وعدهم وتعذرهم في خلف الوعد إذ لا يمكن الخروج من حقك إلا في الوقت الذي يسره الله: وتعلم أن جلوسك على الحانوت غاية طلب الدنيا، وتعذرهم في ذلك لأجل قضاء دين أو نفقة على عيال أو أبوين، فالجلوس في الحانوت في حقلك نقص، وفي حقهم عذر؛ فإن جاء أحد يشتري منك شيئاً فالله سائقه إليك لرزقك، فلا تشب بيعك بخلف، ولا كذب، ولا خنى لئلا تحرم بهذه الأمور المحرمة ما رزقك الله حلالا مقدرا.
واحمد الله على ربحك، وافرح بربح أخيك كفرحك بربحك؛ لقوله عليه السلام: «لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
وإذا أمسكت الميزان فاذكر ميزان القيامة، وما عليك من الحق، وأحذر التطفيف، لقوله تعالى: {وَيلٌ لِلمُطَفِفينَ}.
وأنظر معسراً عن مال، لقوله تعالى: {فَنَظِرَةَ إِلى مَيسَرَةٍ}؛ فقد جعل الله له أماناً ومهلةً.
وأقل من استقالك، لقوله عليه السلام: «من أقال نادماً بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة».
وأرجح لمن وزنت له، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لوزان وزن لصاحب حق: أرجح. وإذا وزنت لنفسك فأنقص لتيقن وجه الحل.
واحذر المطل مع الميسرة، لقوله عليه السلام: «مطل الغني ظلم». ولا تمدح سلعتك وتذم سلعة أخيك، فهو نفاق والزم البر والصدق، لقوله عليه السلام: «التجار فجار إلا من بر وصدق».
وشب بيعك بشيء من الصدقة، لقوله عليه السلام: «يا معشر التجار هذه البيوع يخالطها الحلف والكذب، فشوبوها بشيءٍ من الصدقة».
واجعل خروجك للتجارة لتقضي حاجة المسلمين، فإن رزقك مقدر بفضل الله. قال ابن المبارك: وتكون نيتك مباركةً عليك لقوله عليه السلام: «نية المؤمن خير من عمله». قال بعض الحكماء في معنى الخير: نية بلا عمل خير من عمل بلا نية.

.العفو عن الهفوات:

ومنها العفو عن هفوة الإخوان في النفس والمال دون أمور الدين والسنة، لقوله تعالى: {وَليَعفوا وَليَصفَحوا}. وقوله: {وَأَن تَعفوا أَقربُ لِلتَقوى}.

.حسن الجوار:

ومنها حسن الجوار، وأن يأمنك جارك في أسبابه: في نفسه ودينه وأهله وماله وولده؛ لقوله عليه السلام: «لا يؤمن أحدكم حتى يأمن جاره بوائقه». وقوله عليه السلام: «ليس بمؤمن من يشبع وجاره إلى جانبه طاو». وقوله: «لا تؤذ جارك بقتار قدرك». ولا بلسانك أيضاً، ولا تحسده في شيء من أحواله وأفعاله؛ وأشفق عليه وعلى أهله وولده كشفقتك على نفسك وأهلك؛ واحفظ ماله كحفظ مالك.

.طلاقة الوجه:

ومنها طلاقة الوجه والاسترسال، لقوله عليه السلام: «إن الله يحب الطلق الوجه، ولا يحب العبوس». وقال عليه السلام: «من أخلاق المؤمنين والصديقين والشهداء والصالحين السياسة إذا تزاوروا، والمصافحة والبر إذا التقوا».

.حرمة الإخوان:

ومنها القيام بحرمة من هو دونه من الإخوان، فكيف بمن هو فوقه أو مثله، لقوله عليه السلام: «سيد القوم خادمهم». وقال يحيى بن أكثم: بت ليلةً عند أمير المؤمنين المأمون، فانتبهت وأنا عطشان، فوثب من مرقده، فجاءني بماءٍ، فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا دعوت بخادم؟ فقال: حدثني أبي عن أبيه عن عقبة بن عامر الجني رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سيد القوم خادمهم».

.المشاركة في السراء والضراء:

ومنها أن يشارك إخوانه في المكروه والمحبوب، لا يتلون عليهم في الحالين جميعاً.

.ترك المن:

ومنها إلا يمن على من يحسن إليه، ويشكر ما يصل إليه منهم. قال عروة: كتب رجل إلى عبد الله بن جعفر رقعة، وجعلها، في ثني وسادته التي يتكئ عليها، فقلب عبد الله الوسادة، فبصر بالرقعة، فقرأها وردها إلى موضعها، وجعل مكانها كيساً، فيه خمسمائة دينار، فجاء الرجل، فدخل عليه، فقال له: قلبت النمرقة؟ فخذ ما تحتها، فأخذ الرجل الكيس وخرج وهو ينشد:
زادَ مَعروفَكَ عِندي عِظَماً ** أَنَهُ عِندَكَ مَيسورٌ حَقير

تَتَناساهُ كَأَن لَم تَأتِهِ ** وَهُوَ عِندَ الناسِ مَشهورٌ كَبير

.الإعراض عن الواشي النمام:

ومنها إلا يقبل على إخوانه قول واش نمام، لقول الخليل بن أحمد: من نم لك نم عليك، ومن أخبرك خبر غيرك أخبره بخبرك.
قال عليه السلام: «لا يدخل الجنة قتات».

.الوفاء في الحياة والوفاة:

ومنها الوفاء للإخوان في الحياة والوفاة، لقول بعض الحكماء: من لم يف للإخوان كان مغموز النسب.

.الأخ الموافق:

ومنها أن تكون الشفقة على الأخ الموافق أكثر من الشفقة على الولد. قال أبو زائدة: كتب الأحنف إلى صديق له: أما بعد، فإذا قدم أخ لك موافق، فليكن منك بمنزلة السمع والبصر؛ فإن الأخ الموافق أفضل من الولد المخالف. ألم تسمع قول الله عز وجل لنوح عليه السلام في ابنه: {إِنَهُ لَيسَ مِن أَهلِكَ إِنَهُ عَمَلٌ غَيرَ صَالِحٍ}.

.ستر العورات:

ومنها الاجتهاد في ستر عورات الإخوان وقبائحهم، وإظهار مناقبهم، وكونهم يداً واحدةً في جميع الأوقات. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين إذا التقيا كاليدين تغسل إحداهما الأخرى».
وَأنشد عن ثعلب:
ثَلاثُ خِصالٍ لِلصَديقِ جَعَلتُها ** مُضارَعَةً لِلصَومِ وَالصَلواتِ

مُواساتُهُ وَالصَفحُ عَن عَثَراتِهِ ** وَتَركُ اِبتذالِ السَرِ في الخَلَواتِ

ولسعيد بن حمدان:
لَم أُؤاخِذكَ إِذ جَنَيتَ لِأَنّي ** واثِقٌ مِنكَ بِالإِخاءِ الصَحيحِ

فَجَميلُ العَدوِّ غَيرُ جَميلٍ ** وَقيبَحُ الصَديقِ غَيرُ قَبيحِ

.هجر استبقاء الود:

ومنها ألا يهجر الأخ بغضة بل هجر استبقاء لوده وقطع مقالة واش عنه؛ فقد ورد من طريق عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام».

.التودد والصفح:

ومنها التودد للإخوان بالاصطناع إليهم والصفح عنهم. وقال عليه السلام: «اصنع المعروف إلى من هو أهله فإن لم تصب أهله فأنت أهله». وقال عليه السلام: «رأس العقل بعد الدين التودد إلى الناس واصطناع المعروف إلى كل برٍ وفاجرٍ».
وينشد لابن أبي النجم:
اِصنَعِ الخَيرَ ما اِستَطَعتَ وَإِن ** كُنتَ لا تُحيطُ بِكُلِّهِ

فَمَتى تَصنَعُ الكَثيرَ إِذا ** كُنتَ تارِكاً لِأَقَلِّهِ

.حفظ العهد:

ومنها الدوام للإخوان على حسن العشرة، وإن وقعت بينهم وحشةٌ أو نفرة، فلا يترك كرم العهد، ولا يفشي الأسرار المعلومة في أيام الأخوة.
وينشد لبعضهم:
نَصِلُ الصَديقَ إِذا أَرادَ وِصالَنا ** وَنَصُدُّ عِندَ صُدودِهِ أَحيانا

إِن صَدَّ عَنّي كُنتُ أَكرَمَ مُعرِضٍ ** وَوَجَدتُ عَنهُ مَذهَباً وَمَكانا

لا مُفشياً بَعدَ القَطيعَةِ سِرَّهُ ** بَل كاتِمٌ مِن ذاكَ ما اِستَرعانا

إِن الكَريمَ إِذا تَقَطَّعَ وُدُّهُ ** كَتَمَ القَبيحَ وَأَظهَرَ الإِحسانا

.التغافل:

ومنها التغافل عن الإخوان. قال جعفر بن محمد الصادق: عظموا أقدراكم بالتغافل.

.ترك الوقيعة:

ومنها ترك الوقيعة فيهم. قال المهاجري: قال أعرابي لرجل: قد استدللت على عيوبك بكثرة ذكرك لعيوب الناس، لأن طالبها متهم بقدر ما فيه منها.

.قبول الاعتذار:

ومنها قبول العذر من فاعله، صدق أو كذب؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اعتذر إليه أخوه المسلم، فلم يقبل عذره، فعليه مثل صاحب مكس». ولبعضهم:
أَقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِراً ** إِن يَروِ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا

فَقَد أَطاعَكَ مَن أَرضاكَ ظَاهِرُهُ ** وَقَد أَجَلَّكَ مَن يَعصيكَ مُستَتِرا

قال عبد الله بن المبارك: المؤمن طالب عذر إخوانه، والمنافق طالب عثراتهم.

.قضاء حوائج الإخوان:

ومنها التسارع إلى قضاء حاجة رافعها إليك، لقول جعفر الصادق: إني لأسارع إلى قضاء حوائج الإخوان مخافة أن يستغنوا عني بردي إياهم. وقال ابن المنكدر: لم يبق من الله إلا قضاء حوائج الإخوان.

.مشاهدة الإخوان:

ومنها ألا ينسيك بعد الدار كرم العهد والنزوع إلى مشاهدة الإخوان. قال ابن الأنباري: من كرم الرجل حنينه إلى أوطانه، وشوقه إلى إخوانه.

.صون السمع واللسان:

ومنها صون السمع عن سماع القبيح، واللسان عن نطقه؛ فقد قال، عليه السلام: يقول الله عز وجل: «أَينَ الَّذينَ كانوا يُنَزِّهونَ أَسماعَهُم عَن الخَنا أُسمِعهُم اليَومَ حَمدي وَالثَناءَ عَلَيَّ».
ولبعضهم:
تَحَرَّ مِن الطُرقِ أَوساطَها ** وَخَلِّ عَن المَوضعِ المُشتَبَه

وَسَمعَكَ صُن عَن سَماعِ القَبيحِ ** كَصَونِ اللِسانِ عَنِ النُطقِ بِه

فَإِنَكَ عِندَ اِستِماعِ القَبيحِ ** شَريكٌ لِقائِلِهِ فَاِنتَبَه

فَكَم أَزعَجَ الحِرصُ مِن طَالب ** فَوافى المَنيَّةَ في مَطلَبِه

.رد الجواب:

ومنها المبادرة في الجواب عن كتاب الأخ، وترك التقصير فيه. قال ابن عباس، رضي الله عنه: إني أرى لرد الجواب حقاً، كما أرى لرد جواب السلام.
وأنشد لأبي هفان:
إِذا الإِخوانُ قاتَهُمُ التَلاقي ** فَما شَيءٌ أَسَرُّ مِنَ الكِتابِ

وَإِن كَتَبَ الصَديقُ إِلى صَديقٍ ** فَحَقُّ كِتابِهِ رَدُّ الجَوابِ

.آداب الاستئذان:

ومنها الأدب في الاستئذان واستعمال السنة فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الاستئذان ثلاث: الأولى تستنصتون، والثانية يستصلحون، والثالثة يأذنون أو يردون».

.إفطار المدعو:

ومنها إلا يصوم إذا دعاه أخ إلا بإذنه؛ وإن نوى الصوم فليفطر تحرياً لسروره؛ فإن أبا سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، طعاماً، فجاء هو وأصحابه، فلما وضع الطعام، قال رجل من القوم: إني صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعاكم أخوكم، وتكلف لكم، أفطر ثم صم يوماً مكانه إن شئت».

.تفقد الخلان والإخوان:

ومنها الرغبة في زيارة الإخوان والسؤال عن أحوالهم؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن رجلاً زار أخاه في قريةٍ، فأرصد على مدرجته ملكاً، فقال له: إلى أين يا عبد الله؟ فقال أزور أخاً لي في الله تعالى في هذه القرية، فقال له: طبت، وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً».
وكان عبد الله بن مسعود يقول: كنا إذا افتقدنا الأخ أتيناه، فإن كان مريضاً كانت عيادةً، وإن كان مشغولاً كانت عوناً، وإن كان غير ذلك كانت زيارةً.

.فهم نفوس الأصحاب:

ومنها أن تصاحب كلاً من الإخوان على قدر طريقته. قال شبيب بن شيبة: لا تجالس أحداً بغير طريقةٍ، فإنك إذا أردت لقاء الجاهل بالعلم، واللاهي بالفقه، والغبي بالبيان، آذيت جليسك. ويروى للإمام عليٍ رضي الله عنه:
لِئَن كُنتُ مُحتاجاً إِلى العِلمِ إِنَنّي ** إِلى الجَهلِ في بَعضِ الأَحايين أُحوَجُ

وَما كُنتُ أَرضى الجَهلَ خِدناً ولا أَخاً ** وَلَكِنَني أَرضى بِهِ حينَ أُحوَجُ

فَمَن شاءَ تَقويمي فَإِنّي مُقوَّمٌ ** وَمَن شاءَ تَعويجي فَإِنِّيَ مُعوَجُّ

.حفظ العهود:

ومنها حفظ حرمات الصحبة والعشرة. قال جعفر الصادق، رضي الله عنه: مودة يوم صلة، ومودة سنة رحم ماسةٍ من قطعها قطعه الله عز وجل؛ وقال علي بن عبيدة الريحاني: الأحرار ما لم يلتقوا معارف، فإذا التقوا صاروا أخواناً، فإذا تعاشروا توارثوا؛ وقال الصادق: صداقة عشرين يوماً قرابةٌ.

.مواساة الإخوان:

ومنها إنصاف الإخوان من نفسه، ومواساتهم من ماله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أشرف الأعمال ذكر الله تعالى، وإنصاف المؤمن من نفسه، ومواساة الأخ من ماله».

.الصبر على الهجران:

ومنها الصبر على جفاء الإخوان، وإسقاط التهمة عنهم بعد صحة الأخوة.

.وصية علقمة لابنه:

ومن جامع الصحبة والعشرة قول يحيى بن أكثم لما حضرت علقمة العطار الوفاة، قال لابنه: يا بني إذا صحبت الرجال، فاصحب من إذا أخدمته صانك، وإن صحبته زانك، وإن تحركت بك مؤنة صانك، وإن أمددت بخير مد، وإن رأى منك حسنة عدها، أو سيئة سترها، وإن أمسكت ابتدأك، أو نزلت بك نازلةٌ واساك، وإن قلت صدقك، أو حاولت أمراً أمرك، وإذا تنازعتما في حق آثراك. قال عبد الملك: سمع الشعبي هذه الوصية فقال: تدري لم أوصاه بها؟ فقلت: لا! قال: لأبنه أوصاه ألا يصحب أحداً، لأن هذه الخصال لم تكمل في أحد.

.التوقير والرحمة:

ومنها تعظيم حرمة المشايخ، والرحمة والشفقة على الإخوان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منها من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا». وقال عليه السلام: «من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة في الإسلام».

.أدب الأحداث:

ومنها ألا يكلم الأحداث بحضرة الشيوخ. قال جابر: قدم وفد جهينة على النبي صلى الله عليه وسلم فقام غلام ليتكلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وأين الكبراء؟».
ومنها أن الإنسان إذا أراد سفراً يسلم على إخوانه ويزورهم، فلعل لأحدهم حاجةً في وجهته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سافر أحدكم فليسلم على إخوانه، فإنهم يزيدونه بدعائه خيراً».